لم تكن نتائج المؤشرات الأولية للانتخابات الرئاسية المصرية معلِنة أسماء من سيخوضون الإعادة للتنافس على منصب رئيس مصر فحسب , , إنما أيضا هي أتت بنتائج مهمة بينت الأوزان المختلفة للتيارات السياسية في الشارع المصري.
و كما أن نتائج الانتخابات عموما لا تنحصر في تصوري على من الفائز و من الخاسر, بل تبين في أهم نتائجها مدى تقدم او تقهقر التيارات السياسية العاملة على الأرض , و في ذلك نقرأ جليا تراجع نسبة من أعطوا أصواتهم إلى أكبر فصيل سياسي في مصر و هو الإخوان المسلمين , حيث تراجعت نسبتهم من حوالي 48% في انتخابات المجلس التشريعي و إلى حوالى أقل من 26% في انتخابات الرئاسة.
و في السياسة لابد من تحليل الأرقام و الاستفادة من ذلك , , و مما يستفاد منه أن سياسات و ممارسات ما قد أدت إلى هذا التراجع ,, إضافة إلى أنه من الواضح جليا أن تيار الإخوان بمفرده لن يستطيع الوقوف ضد فلول النظام القديم إذا ما تخلى عنه الشرفاء المخلصون من أبناء مصر.
و يكون من الواجب الآن على حزب الحرية و العدالة و الإخوان المسلمين أن يقوموا بعمل قوي للوصول الى طمأنة التيارات الأخرى المختلفة سواءا اختلافا أيدلوجيا أو دينيا أو مذهبيا , , و أنه من الواجب أن يقدموا برهانا عمليا لإشراك التيارات السياسية الأخرى في إدارة مصر في المرحلة القادمة و التي أصبحت تنظر بشكوك تجاه ممارسة تيار الإخوان بحسب ما تم انتهاجه في الفترة الماضية و التي لا وقت اليوم للتلاوم عليها.
إن مصر اليوم تنتظر خطوات فعلية و عملية و تعاقدية في مواءمات و اتفاقات بين الإخوان المسلمين و التيارات السياسية الأخرى يتحدد فيها إشراك الآخرين في منصب نائب أول للرئيس و كذلك تسمية رئيس الحكومة " باعتبار أن الإعلان الدستوري يعطي حق التسمية للرئيس "ليتم إعلان ذلك على الناخبين و الالتزام به أمامهم.
و بذلك يكون قد تم عمليا اشراك تيارات أخرى مع الإخوان في إدارة مصر في تلك المرحلة الحرجة الحالية التي يتوجب فيها على الإخوان تقديم ضمانات عملية إلى الآخرين في إطار تفاوضي سياسي لإثبات حسن النوايا في إشراك الآخر واقعيا في مستقبل مصر و عدم الانفراد بالإدارة, حيث إن مصر وطن لن يفلح أي تيار في إدارته بمفرده إلا أن يكون في تعددية إدارية مع الآخرين من كل القوى السياسية بمصر.
و حينها يتوجب علينا جميعا أن نقوم بمسئوليتنا الوطنية تجاه مصر و تجاه مستقبل أبنائنا و أحفادنا , لنختار الأولى و الأصلح من حيث مصلحة مصر فقط , حتى نستطيع اجتياز تلك المرحلة الإنتقالية الحرجة التي يجب علينا فيها معا أن نختار في الإعادة بين الثورة أو الثورة المضادة , بين انتزاع مصر من النظام السابق أو تسليمها له من جديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشرف الكرم
مهندس استشاري معماري
alkarm2@hotmail.com